الحمدُ للهِ على نعمةِ الأُم، وله الشكر على نعمة الأمومة، ثم أني لا أَظنُّ أحدٌ يقدرُ -لا قَبْلِي ولا بَعْدِي- أن يُوفِيَ الأمَّ حقَّها، كلا! ولا بمقدور أكبر كاتب أن يصف عظيم فضلها، وجليل قدرها، وكبير صُنعها، وأُقْسِمُ غَيرَ حانثٍ؛ أنه لن يستطيعْ أيُ خطيبٍ في هذه المعمورة مهما بلغ من الإجادة والإحسان، والبلاغة والإتقان أن يُحدثك عن جميل صبر الأم، وعن بالغ عطفها وحبها ولُطْفِهَا، وعن شريف جهادها وتَحامُلِها لِتُكَوِّنَ البطل الذي ترتضيه وترضاه، والرجل الذي تُفَاخِرُ به الدنيا، وتُزَاحِمُ به الكون، الرجل الذي وإن كَبُرَ فإنه في عينها طفلا، وأمام الناس مَلِكًا! فالأم النور الذي ستجده نهاية النفق، وهي التي كانت في بِدَايَتِه! وهي الوقود الذي يسير معك ويُسيِّرُك.
بماذا سَنَنْعَتُها فواللهِ عَجِزْنَا، وما وفاها حقها سوى اللهُ، يوم قَرَنَ طاعتَه، بطاعتِها، تشريفًا وتعظيمًا، قال تعالَى: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ فَقَدَّرَ أن تكون طاعة الوالدين أمرٌ تابعٌ لِطاعة الله، والْحَمْدُ ِلله.
أَيَا أُمِّي منكِ أنا، وبكِ، وإليكِ، أنتِ الحياة، وأنتِ كل ما فيها، لا قدرة لي على رد جميلكِ، ومُؤَكَّدٌ أنه ليس باستطاعتي أن أدوِّن عنكِ، أو أعبر لكِ عن مدى حبِيْ لكِ، وعظيمُ شوقيْ إليكِ، وكبيرُ ظنيْ فيكِ.
يا رَبَّاه! أيُّ شعورٍ يختلجني يوم أكون قطعة منها، أي شيءٍ أكبرُ فخراً غيرَ أن تكون سببًا في وِلَادَةِ إنسانٍ آخر، هذا الإنجازُ الذي استطاعت أن تصنعه أمي بفضلٍ من الله، وصبرٍ منها، هو أكبر إنجاز يفاخر به الإنسان طيلة حياتِه.
واعلم يا مَن تقرأ أحرفي هذه؛ أن الأم سلطان الدنيا، الذي يحميك، وطمأنينة القلب التي ترعاك، وزاد الطريق الذي يقودك، وسعادة الروح الذي تُحييك، هي كل الحياة! وأنت دونها ميت، أفَهِمْت؟
وهنا رسالة لكل إنسانِ رُزِق الحياة مع والديه، لقد حُوِّطْتَ بالجمال فاغتنمه، وحُزْتَ الخير فخُذْه، وفزت بالسعادة فقم لها! وما أظن أن تجتمع لك الغنائم مثل أن تكون معافى وقريبٌ من والدَيكَ، إنه النعيمُ الخَالِد؛ فلا ترض عنه بديلا، ولا تُفَوِّتْهُ أبدًا!
#ص_ع
تعليقات
إرسال تعليق